برشلونة 2024/2025: من تحت الركام إلى القمة… موسم المعجزات الكروية

برشلونة 2024/2025: من تحت الركام إلى القمة… موسم المعجزات الكروية

بدأ برشلونة موسمه الجديد وهو يجر خلفه خيبات كثيرة. وقبل أن تنطلق عجلة الليغا، خاض الفريق مباراة كأس خوان غامبر التحضيرية أمام موناكو وخسر، ليُقابل ذلك بخيبة جماهيرية عارمة. لكن هانس فليك، المدرب الألماني الجديد، خرج بتصريح لا يزال محفورًا في الأذهان: “سترون فريقًا يلعب كرة قدم ممتعة.” بدا التصريح حينها وكأنه وعد صعب التحقيق، لكن الأيام أثبتت أن فليك كان يعرف جيدًا ما يخطط له.

استلم فليك فريقًا مدمّرًا نفسيًا وفنيًا، بلا صفقات جديدة، مقيدًا باللعب المالي النظيف، وبتشكيلة تعاني من الإصابات وسقف طموحات منخفض. بعض الجماهير كانت تطالب بتجديد كامل، والبعض الآخر فقد الأمل، لكن المدرب الألماني بدأ في إعادة بناء الثقة من الصفر.

ومع انطلاق الدوري، بدأ برشلونة في حصد الانتصارات. عجلة الانتصارات دارت بالدوري، وبشكل مفاجئ أيضًا في دوري أبطال أوروبا. تصدّر الفريق جدول الليغا، وقفز إلى المركز الثاني في مجموعته الأوروبية. الأجواء انقلبت، التفاؤل عاد، وبدأ الإعلام يتحدث عن “النسخة الجديدة” من برشلونة.

لكن مع عودة عدد من المصابين ودخولهم التشكيلة الأساسية، شهد الفريق تراجعًا في الأداء. غابت الانسجامات، تذبذب المستوى، خسر برشلونة صدارة الليغا، وبقي ثانيًا في دوري الأبطال. بدأت الشكوك من جديد تحوم حول فليك وكتيبته.

لكن هذه الكتيبة رفضت الاستسلام. نهض الفريق مجددًا، وعاد لحصد النقاط بكل عزيمة. استعاد صدارة الليغا، وتأهل إلى نصف نهائي دوري الأبطال، في موسم كان أقصى الطموحات فيه مجرد المنافسة.

عاد برشلونة من تحت الركام في مدة قياسية، ولو مرّت هذه الظروف على أي نادٍ آخر لكان انهار إلى الأبد. لكن برشلونة ليس كغيره… برشلونة يملك اللاماسيا، منبع الهوية وروح النادي، ومصنع النجوم الذين لا يعرفون المستحيل.

بل وأكثر من ذلك، يملك برشلونة لاعبين للمستقبل، موهوبين بالفطرة. مجموعة شابة تنبض بالإبداع والعزيمة، قادرة على تشكيل جيل ذهبي جديد. ومع قليل من التدعيمات في المراكز الحساسة، وخاصة بعد عودة الفريق إلى ملعب الكامب نو — مقبرة الخصوم — فإن المواسم القادمة ستشهد حضورًا أقوى وأشرس لهذا النادي العريق.

لن أتحدث عن التفاصيل، فالجميع يعرف ما حدث في المباريات. أنا هنا لأروي حكاية معجزة كروية… عن نادٍ عاد من تحت الركام.

أنا هنا لأحدثكم عن بيدري الذي تحوّل من لاعب دائم الإصابة إلى أفضل لاعب وسط في العالم. عن كوبارسي الذي أصبح صخرة الدفاع. عن فرينكي دي يونغ الذي أعاد فليك إحياء مستواه. عن رافينها الذي انتُقد طويلاً، ثم أصبح اليوم عنصرًا لا يمكن الاستغناء عنه.

اليوم نحن أمام أقوى خط هجوم في الدوريات الخمس الكبرى. هذا ليس مجرد تحسن… هذا إعجاز كروي. ما وصله فليك مع هذه الكتيبة، إنجاز لا يُستهان به. يجب على كل مشجع برشلوني أن يفخر. نعم، الفخر هو أقل ما يمكن قوله.

ربما كان من الأنسب كتابة هذا المقال في نهاية الموسم، لكنني قررت أن أكتبه الآن، بعد الخروج من دوري الأبطال، حتى تدرك تمامًا إلى أين وصل برشلونة. صحيح أننا لم نصل للنهائي، لكن الحقيقة أن من خسر هو دوري الأبطال، لا برشلونة.

برشلونة هذا الموسم أشبع العالم بكرة قدم ممتعة. برشلونة كان الفريق الأقوى والأجمل رغم النواقص في بعض المراكز. النادي الوحيد الذي حافظ على هويته مع تغيّر المدربين. برشلونة يا سادة… متعة للعين، وجرعة أمل لعشاق الكرة الجميلة.

الآن المهمة المتبقية: حسم الليغا، والانتصار على الغريم للمرة الرابعة هذا الموسم. وأنا أؤمن أن برشلونة قادر على فعلها.

لكل مشجع كتالوني أقول: افخر، وارفع رأسك، لأنك تنتمي لنادٍ أكثر من مجرد نادٍ.